السبت، ٢٠ أكتوبر ٢٠١٢

كنــت خروفــــا - قصة ذات مغزى


لم يكن لدينا خيار ثالث عندما كنا في صغارا في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة اللغات التجريبية بدمياط.. كان المتاحان الوحيدان ان يكون الواحد منا فردا في عصابة احمد عاشور او في عصابة محمد البقري.

كان الزعيمان في نفس العمر لكن الأول كان زعيما لعصابة أكثر أعضائها من "تالتة أ" حيث مسقط رأسه ومنطقة نفوذه بينما كان البقري زعيما لعصابة "تالتة ب".. ورغم أن عصابة البقري كانت الأشد ضراوة والأكثر سيطرة في طرقات المدرسة والحوش فقد اخترت أن أنضم إلى عصابة أحمد عاشور.

كان عاشور قصيرا ذكيا خفيف الظل وكان أكثر قدرة على قيادة عصابته والحفاظ على تماسكها ولا أجدعها مافيوزا طلياني مخضرم. أما البقري فقد أوتي من اسمه نصيبا جما وكانت خلقته أقرب إلى هيئة عجل بلدي متوسط الحجم من النوع الذي تراه مربوطا أمام محلات الجزارة لجذب الزبائن.

ربما كان اختياري لعصابة عاشور محكوما بالخيار الاستراتيجي الأمثل لأنني من رعاياه أصلا في تالتة أ ولأنني رأيت بعيني رأسي مدى خطورة أن تكون فردا في العصابة المعادية بينما تتخذ من منطقة نفوذ زعيم آخر موطنا لك.. ستكون ملابسك في نهاية كل يوم كلوحة من لوحات الفن التجريدي وسيكون وجهك مسرحا للتلطيش ناهيك عن مصادرة سندوتشاتك وعصيرك وحقك في الشراء من الكانتين وأي امتيازات أخرى.

لم أكن من هواة إثارة الشغب حينها – أو في أي حين آخر في حياتي بصراحة – لكن الاستقلال في محيطي البشري كان يعني أن أتحول إلى نعجة شاردة بينما كان الانتماء للقطيع – أي قطيع – مصدرا للأمان والثقة والحصانة والهيبة الكاذبة – قد تبدو الأخيرة أمرا تافها لكن البنات في فصلي كن يحببن الأكثر جرأة وإقداما على خوض الحروب مثلنا جميعا مثل صغار الماعز التي تتناطح طوال اليوم حتى يدركها الإرهاق ومن لا يتابعهم في التناطح يكون إما مريضا أو نافرا.

خضنا معارك كثيرة لم يكن لي فيها دور يذكر نظرا لضآلة بنيتي في هذه المرحلة لكنني كنت أوظف هذه الضآلة في أعمال المراقبة والإنذار المبكر والإمداد والتموين .. تعلم أنك تحتاج إلى قوة إمداد وتموين متمرسة إذا كنت تخوض معاركك بأكياس الشيبسي التي ملئت بتراب الحوش أو الزلط الصغير الذي يوجع ولا يبطح.

كنت فخورا بأنني عضو عامل بالقطيع – أي قطيع – وكنت أقدم نفسي لأقراني بأنني فلان الفلاني مسؤول الاستطلاع وقائد شعبة التموين والإمداد بعصابة أحمد عاشور.

لكنني كنت أدرك جيدا أنني لو كنت قادرا – بأي شكل من القدرة والقوة – لما كنت فردا في عصابة ولكونت عصابتي التي أطيح بها في الفصول وأنكل بقبضاتها القاسية وشلاليتها الموجهة ومساطرها وزلطها بكل من تسول له نفسه أو لا تسول.. لو لم أكن ضعيفا لما كنت فردا في قطيع ولكنت رأسا لقطيعي الخاص أو على الأقل كنت أنا القطيع.

لكنها كانت إرادة القوة/ الضعف في ذلك الحين ولم يكن أمامي سوي التبعية أو الضياع.
مرت السنون وكبرت وزاد طولي حتى أصبحت في المرحلة الثانوية أطول طالب في الفصل، كما نبت على هيكلي العظمي قدر لا بأس به من العضلات وازدادت كثافة حواجبي إلى درجة تجعلني شخصا مخيفا إذا اتبعت الخطوات التي تعلمتها خلال فترة تجنيدي الأولى في عصابة أحمد عاشور – أن أنكش شعري وأرفع ياقة القميص وأقطب حاجبيَّ إلى أعلى وأزم شفتي – وحينها وحينها فقط كان يمكنني أن أرفع عقيرتي بالصراخ هاتفا: أنا إبراهيم الجارحي رئيس جمهورية نفسي!! حد ليه شوق في حاجة؟؟!!



هناك ١٤ تعليقًا:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. جامد يا عم ابراهيم
    انت تستاهل كل خير
    بس شكل البقري علم عليك وانت صغير

    ردحذف
  3. طيب انا هحاول اكون محترم علشان انا صايم....اسلوبك جميل بس فين المغزى؟؟؟فين الهدف؟؟ المقال ده تصنيفه في منطقه اللا وعي

    ردحذف
  4. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  5. ماهذا الاسلوب الركيك القصة التى حكيتها لايقولها طالب فى ابتدائى فى امتحان مادة التعبير تعلم كيف تصيغ مقالا اوقصة قصيرة با اسلوب اكثر اقناعاً

    ردحذف
  6. لكنك لم تذكرعلاقتك فى العصابة فى الفترة الاخيرة
    اصبحت عضلات و لكن هل دوامت على طاعة طاعة رئيس العصابة؟

    ردحذف
  7. الله جزاك الله كل خير == رائعاً ولكن مالفت نظري تلك الردود لو فعلا أخذنا عيينة ممثلة من المجتمع ووجدنا كل نسبة الانقرائية ولهذا النص بذاك الشكل لوجدنا مصيبة حقيقة أصابت المجتمع المصري

    ردحذف
  8. امسح التعليقات يا ملزق يا ابو ديل حصان زى الخولات ..

    ردحذف
  9. واضح جدا من التعليقات ان القصه حرقت ناس كتير...وبالتالى هى ذات مغزى عميق..من له عينان فليرى ومن له اذنان للسمع ..من اعتاد الاستعباد فقد الاحساس بكل شيئ..ما اجمل الحريه...تحياتى

    ردحذف
  10. ولسه خول وخروف برضه...

    ردحذف
  11. يعنى مستحملين دم امك الظريف كمان يطلع لنا اخوك عصام ابن دم ابضن منك ... هو انتم ايه يا ولاد الوسخة ابوكم عطاكم كل واحد جنيه وقلكم روحو العبو فى تويتر علشان يوزعكم ؟؟؟

    ردحذف
  12. تستحق التأمل، و فيها فكر حتى لو معجبش ناس :) .
    تالتة ابتدائي..و الله الخناقات على البلد دلوقت بتحسسني أنهم بيتخانقوا على السندوتشات و العصير في تالتة ابتدائي.

    ردحذف
  13. عجبتي والمغزي وصل يا برنس

    ردحذف